الجنون ذلك الشبح الداخلي الكامن الذي يطاردنا جميعا مثله مثل الحب وكأن الاثنان قد اتفقا اتفاقا سريا على هلاك الإنسان، مثلما هلك مجنون ليلى، ولعل سر هلاك مجنون ليلى أن الحب قد سرى من قلبه إلى عقله، فأصبح عقله عليلا مثله مثل قلبه، فهو لا يفكر إلا في ليلى، ولا يرى غير ليلى، فتحول شبح الحب إلى شبح الجنون، وكأن ربى توعد كل من يحب غيره ليسلطن عليه الجنون ووعد كل من يحبه بالصفاء والنقاء العقلي والقلبي أي وعده بقمة العقل.
سبحانك يا الهي! غيور على عبدك، أرسلت إلينا رسولك ليخبرنا بحبك القديم، ولكننا تنكرنا لذاك الحب وأحببنا من يزهدنا، فحسبنا جزائنا بين يدي عبيدك، فكفى بالمرء ذلا أن يرغب فيمن زهد فيه، وحسبهم متعة الوصال من تنبهوا لحبك القديم...