الأحد، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٧

هي ...


على الرغم من كونها حاصلة على الدكتوراه في السيكولوجي، وعلى الرغم من كونها ذات عقلية متميزة، إلا إنها مثلها مثل معظم النساء. جلست تتحدث إلى صديقتها حديث ثرثارا عن أشياء كثيرة، في نفس الوقت الذي كان هو منصت جدا لحديثهما، بدأت الحديث عن أخيها الذي يعمل في أمريكا وما أحضره لها من هدايا، لاحظ في عينيها شدة حبها لأخيها بل وانبهارها به مثلها مثل معظم الفتيات قبل الزواج في الانبهار بنموذج الأخ الحنون الناجح الذي تفتخر به أمام أقرانها إلى أن يأتي فارس الأحلام الذي سيحل محل الأخ فيما بعد، ثم انتقلت من الحديث عن أخيها إلى الحديث عن ما اشترته من ملابس الأسبوع الماضي وأنها قد اخطئت في الاختيار المناسب لان ما اشترته من ملابس كان ثقيلا جدا في الوقت الذي كانوا فيه في عز الصيف، كان يتابع حديثيهما باهتمام شديد، ومع انه من النوع المحب للاستماع أكثر من الكلام، إلا انه كان يترقب الفرصة للدخول معهما في الحديث، استمرت في الحديث عن الملابس إلى أن وصلت للحديث عن الملابس التي ناقشت فيها رسالة الدكتوراه الأسبوع الماضي، وما لقيته من عناء في استئجار القاعة التي ناقشت فيها الرسالة، وهنا كان المناخ مثمرا لدخوله معهما في الحديث، فبدأ حديثه بسؤالها عن الجامعة التي ناقشت فيها الرسالة فأجابته بأنها جامعة القاهرة، في الحقيقة هو لا يهمه إن كانت ناقشت الرسالة في جامعة القاهرة أو حتى في جامعة الخرطوم، المهم عنده ألا ينقطع أوتار الحديث الذي بدأ، بدأ يبدى لها شدة ولعه بعلم السيكولوجي وأنه كم تمنى أن يتخصص في ذلك العلم، فبدأت تحدثه عن جمال هذا الفرع من العلم، وكيف انه يرتقى بصاحبه إلى ابعد الحدود، هي لا تكف عن الكلام شأنها مثل شأن معظم النساء، تجاذبا أطراف الحديث سويا الذي بدا له شيقا ممتعا، إلى أن انتقلت بالحديث عن أستاذها محمد شعلان وما أضافه للطب النفسي في مصر، وبدأت تحثه على أن يكون مثل شعلان في المستقبل لدرجة أنه شعر أن هذه المرأة هي أحد المقربين منه وان نجاحه هو نجاح لها، بدأ يتلصص ليعرف عنها أكثر مما خفي من حياتها، بدأ يسترق النظر إلى يديها ليعرف إذا ما كانت مرتبطة أم لا، هو لم يخطر بباله فكرة الارتباط بها، خصوصا أنها تكبره بست أو سبع سنوات، هكذا استنتج من كلامها، كما أنها تحدثه مثلما تحدث الأخت الكبرى أخيها الأصغر، كل هذا يجعله يطرد فكرة الارتباط العاطفي، ومع انه لم يجلس معها إلا مرات قليلة، في كل مرة يتعرف عليها أكثر، إلا انه على شغف ليعرف أكثر عن حياتها الخاصة، بل هو على شغف في كل مرة أكثر من السابقة إلى إن يراها مرة أخرى...
المهم أريد أن أقول: لقد استبان لي أن المرأة مهما علا قدرها إلا أنها لا تزال أنثى مشتركة مع باقي جنسها في صفات النساء الجميلة ولا تزال مختصة بنفس الأشياء التي حبا الله بها كل النساء وأهم شئ أنها امرأة.وأخير أريد أن أتساءل هل من ثمة علاقة تعلق بين رجل وامرأة غير تعلق الحب...؟

اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل منها؟!



بطبيعة دراستي كطالب للطب كنت أمر على الكثير من المرضى بشتى أنواع المرض في المستشفيات الجامعية ،احزن أحيانا ، وأتألم أخرى وفى كل حال احمد الله على نعمة الصحة، ولكنى لم أتأثر كثيرا مثل تلك الزيارة التي زرت فيها قسم طب الأطفال بإحدى المستشفيات ، فقد رأيت العديد من الأطفال الضعفاء كل منهم يعانى علة مختلفة فهذا أحدهم يعانى من نوبات صرعية مع انه لم يتجاوز الثالثة من عمره والثاني يعانى من عيوب خلقية بالقلب ، أما الأخر فقد حرمه الله من نعمة البصر ، بل هناك من حرمه الله من نعمة العقل أصلا فهو مولود بمتلازمة داون ، عندئذ ضاق صدري ، أخذت أتصور كيف حالي لو كنت مثل هؤلاء ، كيف كنت سأرى الناس لو كنت حرمت مثلا من نعمة العقل بل كيف سيكون إدراكي حينئذ لمن حولي ...................تخيلات كثيرة دارت برأسي، وللأسف كلها تخيلات مؤسفة أو محزنة ..................
وعندها تبادر إلى ذهني سؤال قد يراه البعض بل قد يراه الكثير اعتراضا منى على حكمة الله ولكن عقلي لا يستطيع التوقف عن الإلحاح ، ماذا فعل هؤلاء الأطفال الأبرياء حتى يجعلهم الله كذلك ، ما ذنب طفل برئ دون سن التمييز يجعله الله يعانى طيلة حياته ، وإذا كان الله اشد رحمة بنا من أمهاتنا ، فلماذا لم يرحم هؤلاء الضعفاء ، كيف يقول في كتابه انه الرحمن الرحيم ويخلق طفل كهذا لم يفعل ولو حتى معصية واحدة ، هل صحيح أن الله خلقنا في هذه الحياة لنعاني..........شطح عقلي بالتفكير.................
كثيرا ما رددت هذا الدعاء المشهور ( اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل منها ) ولم اكتشف أن هذا الدعاء بدأ يأتي ثماره معي إلا عندما تذكرت بعض الآيات من القران الكريم ، تلك الآيات الشهيرة من سورة الكهف التي تحكى لنا قصة النبي موسى –عليه السلام- والخضر ذلك العبد الصالح ، عندئذ تذكرت كيف استنكر نبي الله موسى ما فعله الخضر اشد استنكار ، ولكنه كان يفعلها لحكمة لم يدركها نبي الله ، نعم أدرك موسى الحكمة مؤخرا ولكنها كانت لم تخطر له ببال في البداية ، عندئذ أدركت أن كل ما يحدث لنا من نكبات وأزمات وعلل مختلفة هي لحكمة لا يعلمها إلا الله ، قد ندرك هذه الحكمة فيما بعد ، وقد لا نستطيع أصلا إدراكها، ولعلها تكون كل الخير
وعندئذ أدركت أن عقلي البشرى لا يستطيع إدراك حكمة الله في كل ما يحدث حولنا
وعندئذ تعلمت أن من يحشر انفه في كل شئ ، لمعرفة حكمة الله من كل شئ هو كمن ينازع الرب ربو بيته
وعندئذ أسلمت أمري لله واستسلمت له فهو ارحم بي من أمي ، وأصبحت على يقين من أن كل قضاء الله خير

اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل منها أبدا

الاثنين، ١٢ نوفمبر ٢٠٠٧

...فليتك تحلو


إن علاقة الإنسان بربه هي علاقة الحبيب بحبيبه ، وليست علاقة العبد بسيده ، إن عصاه فله العقاب الرادع ، وان أطاعه فله الجزاء الحسن ، لا يعقل أننا نعبد الله تعالى لمجرد انه إن اطعناه سيدخلنا الجنة ، وان عصيناه سيدخلنا النار، لا يعقل أننا نعبده من اجل بعض الفاكهة ولحم طير مما يشتهون وحور عين :أي رغبة في شهواتنا ولذاتنا وخوفا من العقاب ، فالله اعظم من ذلك بكثير
نحن نعبد ربنا لأننا نحبه ، نعبده لأنه يستحق العبادة في ذاته وفى صفاته وفى أفعاله
نحن نعبد ربنا لان أرواحنا هي قبضة منه سبحانه، ولا غذاء للأرواح إلا بالحب
فالله هو الحبيب الأول للعابد الذي يقدم أوامره ونواهيه عن كل شئ في الحياة
إن العلاقة بين الله والبشر هي علاقة كرم وحب هي مثل علاقة الأب الرحيم المحب لأبنائه ومن شدة حبه لأبنائه أن يعاقب من اخطأ ويكافئ من أصاب ، حتى لا يكون هناك ظلم بين من اخطأ ومن أصاب ، فالعقاب للمخطئ هو شدة حب للمصيب ، فالله تعالى ما خلقنا إلا للحب وبالحب يعذبنا وللحب يكافئنا
ولعل المعنى الذي أريده ليس بجديد ولكنى وجدته عند بعض المتصوفين القدامى مثل قول أحدهم :

أدين بدين الحب أينما توجهت ركائبه
فالحب ديني وإيمانى
ووجدته أيضا في دعاء أحد الأئمة العظام مثل دعاء الشعراوى-رحمه الله- فقد سمعت من دعائه ( اللهم إن كنت أعبدك طمعا في جنتك فاحرمني منها ، وان كنت أعبدك خوفا من نارك فأدخلني فيها )
ووجدته أيضا في قوله- تعالى- في وصف عباده المؤمنين عند دخولهم الجنة ( سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون )
وهذا لا يتعارض مع قوله –تعالى- ( يعبدونني رغبا ورهبا ) لان هذه المرتبة الدونية أو الوسيلة الموصلة للمرتبة الأصلية وهى مرتبة الحب ،
فالأصل هو الحب وليس شئ غير الحب
وفى الجنة هناك المتعة الكبرى هي متعة وصل الحبيب بحبيبه متعة النظر إلى وجهه –سبحانه- الكريم ، التي لا تضاهيها متعه ، نعم هي متعه الحبيب بالقرب والأنس من حبيبه
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هينا وكل الذي فوق التراب تراب

اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم ، آمين

الجمعة، ٩ نوفمبر ٢٠٠٧

...سر اللعبة


كثيرا ما استهوتني فكرة أن أفكر بطريقة تفكير الاخر، بمعنى أن أضع نفسي مكان الاخر لأرى كيف يفكر الاخر.
قابلت في حياتي أناس لا ازعم أنهم كثيرون ولكنهم أيضا غير قليلون،
ورأيت منهم الحزين والسعيد والطفل والمراهق والكهل وأيضا المجنون...، وضعت نفسي أمام هؤلاء جميعا وتسألت فيما أفكر إن كنت طفل مثلا أو مراهق أو شاب أو مجنون... أريد أن اعرف ما الذي يشغل راس طفل ذو ثلاث سنوات مثلا ...أو كيف يرى المجنون الناس من حوله هل حقا يرى نفسه انه العاقل الوحيد وجميع من حوله مجانين... أريد أن ادخل بداخل كل فرد لأعرف ما يشغل بال كل منهم وما هي اهتماماته؟ وما هي أحلامه؟ وكيف يرى العالم الخارجي من حوله...؟، ولكن هيهات! فما أنا إلا عقل واحد لن يستطيع أن يعيش بعقول جميع الناس في آنِِ واحد، فهذا درب من الجنون، وحتى ان كان درب من الجنون فلا مانع فالجنون موجود بداخلنا جميعا، ولكني اكتشفت أن كل فرد من الناس يكمل الآخرين ليعيش الجميع الحياة بهذا التناسق البديع، والناس في الحياة جميعا مثل لعبة المكعبات، كل مكعب مختلف عن الاخر ولكن كل مكعب على حده هام لتكميل المجموعة وكل مكعب له ستة أوجه مختلفين كل وجه يكمل شكل معين مختلف عن الاخر تماما، وكذلك الإنسان فله أوجه مختلفة في نفسه، فله في الطفولة وجه، وله في المراهقة وجه، وله في الشباب وجه ...وهكذا، كل وجه هام في وقته ليلعب دوره بإتقان، ولا يصح أبدا أن يسيطر وجه على الآخرين، وكل وجه نكتشف أشياء بداخله لا نستطيع اكتشافها إلا عندما ننتقل للوجه الاخر فنحن لا نستطيع الشعور بمدا تفاهة تفكير الطفولة إلا عندما ننتقل إلى المراهقة، ولا نكتشف اندفاع تفكير المراهقة إلا بعد الانتقال إلى الشباب ...وهكذا
وهذا هو جزء من سر اللعبة الكبرى – لعبة الحياة –
أما سر اللعبة بأكملها فلن نستطيع فهمه إلا بعد أن نلعبها أولا ، وللأسف عندما نستوعب سر اللعبة بأكمله نكون قد أصبحنا عاجزين عن الاستمرار فيها.


اسأل الله أن ينفعنا جميعا