الاثنين، ١٢ نوفمبر ٢٠٠٧

...فليتك تحلو


إن علاقة الإنسان بربه هي علاقة الحبيب بحبيبه ، وليست علاقة العبد بسيده ، إن عصاه فله العقاب الرادع ، وان أطاعه فله الجزاء الحسن ، لا يعقل أننا نعبد الله تعالى لمجرد انه إن اطعناه سيدخلنا الجنة ، وان عصيناه سيدخلنا النار، لا يعقل أننا نعبده من اجل بعض الفاكهة ولحم طير مما يشتهون وحور عين :أي رغبة في شهواتنا ولذاتنا وخوفا من العقاب ، فالله اعظم من ذلك بكثير
نحن نعبد ربنا لأننا نحبه ، نعبده لأنه يستحق العبادة في ذاته وفى صفاته وفى أفعاله
نحن نعبد ربنا لان أرواحنا هي قبضة منه سبحانه، ولا غذاء للأرواح إلا بالحب
فالله هو الحبيب الأول للعابد الذي يقدم أوامره ونواهيه عن كل شئ في الحياة
إن العلاقة بين الله والبشر هي علاقة كرم وحب هي مثل علاقة الأب الرحيم المحب لأبنائه ومن شدة حبه لأبنائه أن يعاقب من اخطأ ويكافئ من أصاب ، حتى لا يكون هناك ظلم بين من اخطأ ومن أصاب ، فالعقاب للمخطئ هو شدة حب للمصيب ، فالله تعالى ما خلقنا إلا للحب وبالحب يعذبنا وللحب يكافئنا
ولعل المعنى الذي أريده ليس بجديد ولكنى وجدته عند بعض المتصوفين القدامى مثل قول أحدهم :

أدين بدين الحب أينما توجهت ركائبه
فالحب ديني وإيمانى
ووجدته أيضا في دعاء أحد الأئمة العظام مثل دعاء الشعراوى-رحمه الله- فقد سمعت من دعائه ( اللهم إن كنت أعبدك طمعا في جنتك فاحرمني منها ، وان كنت أعبدك خوفا من نارك فأدخلني فيها )
ووجدته أيضا في قوله- تعالى- في وصف عباده المؤمنين عند دخولهم الجنة ( سلام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون )
وهذا لا يتعارض مع قوله –تعالى- ( يعبدونني رغبا ورهبا ) لان هذه المرتبة الدونية أو الوسيلة الموصلة للمرتبة الأصلية وهى مرتبة الحب ،
فالأصل هو الحب وليس شئ غير الحب
وفى الجنة هناك المتعة الكبرى هي متعة وصل الحبيب بحبيبه متعة النظر إلى وجهه –سبحانه- الكريم ، التي لا تضاهيها متعه ، نعم هي متعه الحبيب بالقرب والأنس من حبيبه
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هينا وكل الذي فوق التراب تراب

اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم ، آمين

هناك تعليقان (٢):

د/ أحمد عامر يقول...

ليس عيب ان يعبد العبد ربه خوفا منه و لكنها مستويات
فكما يوجد في الفصل المدرسي بين التلاميذ من يذاكر لينجح و منهم من يذاكر ليتفوق و منهم من يذاكر من أجل العلم فلا يهمه النتيجة بقدر ما يحصل عليه من العلم
و كل امرئ على حسب قدرته و استطاعته
و اختياره فلم يكلف الله نفسا إلا وسعها
و لما يوجد من اختلاف و تباين بين البشر و هذه طبيعة فيهم أن يرغبنا الله في جنته و أن يخوفنا من نيرانه وعذابه
فهناك من التلاميذ من لا يذاكر إلا خوفا من الضرب و منهم من يذاكر لجائزة يحصل عليها و كل الطرق هي من محاولة اصلاح التلاميذ و العبور بهم إلى بر الأمان و لكن لكل واحد طريقة في تهذيبه
و لكن درجة العبادة للحب هي درجة لا يعلمها كثير من الناس فهي درجة من الدرجات العلى
و كما في حديث سمعته قديما ولكن لاأذكره جيدا و هو في معناه أن هناك من يعبد الله عبادة التجار و منهم من يعبده عباده أعلى منهم فهو يعبده لأنه خالقه ليس غير
اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم و ارحمنا مع عبادك الصالحين

غير معرف يقول...

السلام عليكم ..

بارك الله فيك أخي أيمن .. وجعلك الله ممن يرتقون بالأمة بمداد القلم .. ورقي القلب والعقل ..

المدونة كلها رائعة .. وخير فعلت يوم جربت الكتابة فيها .. ولم تحرمنا هذه الروعة ..

ذكرني ما كتبت بكتاب ابن القيم مدارج السالكين .. حيث شرح الكثير عن الحب .. والعلاقة مع الله ..

وأنصحك إن لم تكن قرأته .. بان تقرأ ( تهذيب مدارج السالكين )وهي النسخة المحققة والخالية من ردود ابن القيم على بعض المذاهب التي كانت في عصره ..

مع تمنياتي لك بالتوفيق والإخلاص في دراستك ومن ثم عملك ..

فما أحوجنا لطبيب عال الإيمان والإخلاص .. يقم دواء القلوب مع دواء الأبدان :)

:)